هل يمكن للكائنات الميتة أن تُبعث فيها الحياة من جديد؟
هذا سؤال قد يُساق في سياق تعجيزي، لكن الإجابة عنه تقتضي أن نكون مدركين بالبيئة التي ماتت فيها هذه الكائنات وتعفنت نياتها، فإن عرفنا ظروف هذه البيئة زال الاستغراب الذي ركب العقول، فإذا عرفنا أنها تنتمي إلى سيدي علال التازي وضحت الفكرة وتجلت وأينعت وبزغ نورها إن كان لها نور أصلا. إذ أن هذه الكائنات الميتة لا يبعثها إلا العملُ الإيجابي الذي ينصب في ما يعود بالنفع على الساكنة صغيرا وكبيرا، طبعا سيقول قائل هذا جيد أن يكون العمل الإيجابي هو سبب انبعاثها وعودتها للحياة من جديد، وبهذا تخرج من جمودها إلى حركية الحياة، وتتعاون مع الأحياء أبناء هذه المنطقة التي تسعى على قدم واحدة، لكن السائل قد يخيب ظنه حين يدرك أنها لم تبعث لتشارك فيما هو ايجابي وبناء، ولا لكي تبادر إلى تثمين جهود العمل، أو حتى أن تعين العاملين بالصمت والسكوت حين يقتضي الأمر، "ومن السكوت حكمة"، بل إن هذه الكائنات الغريبة بعثت فيها الحياة لتكون سبب نكد لمن يريد العمل الصالح المتدرج في مسيرة طويلة تتخذ طريقا مليئا بالمعيقات، إنها تقوم من قيامتها لتقلب كل ما كد فيه الآخرين ليصبح -في نظر هذه الكائنات وزعمها- في خانة السلبي الذي بُني على خلفية غير صالحة، خلفية غير بريئة (كما يدعون)، فتتحرك تلك الكائنات في سبيل بناء أفكارها المسمومة المدمرة بغية أن تنتقم من كل مبادر يرى أن الأهم هو النتيجة والأثر الجميل مبعدا من حسابه كل تفكير سيء وغير بريء، لأن الغاية أكبر من أن يُزج بها في بئر الخصام والصراع من أجل أطماع انتخابية أو سياسية وخلافات شخصية. إن مثل هذه المخلوقات لا تحسن إلا الهدم بدافع ما تُبيِّته من شحنات سلبية ضد كل من لا يسير في اتجاه رغباتها الخبيثة، وحتى فعل الحوار قد لا يُجدي نفعا إن كانت القاعدة المعمول بها "أنت على خطإٍ ولا يحتمل قولك الصواب ومحاورك على صواب ولا يحتمل قوله الخطأ". ولهذا فإن لهم مقاييس ضيقة محدودة وأفكار سيئة تتحكم فيها المصالح الشخصية التي تنزل بهم إلى درك معاداة الآخرين بناء على أي تأويل واهٍ هش لا يرسو على أساس صحيح، وحسدا من عند أنفسهم لا رغبةً في الإصلاح ودفع المركب نحو السير قدما.
إن هذه الكائنات لا تعود إليها الحياة إلا حين تشعر بأن الآخر قد أجاد العمل ونجح، فتسارع إلى زحزحة الثقة وكسر أي عمل كان مبادرة خير لا يبتغي صاحبها أو أصحابها لا جزاء ولا شكورا، ولا طمعا في منصب ولا هم يحزنون.
رشيد أمديون