22 فتوى تناول الأدوية في رمضان وصمت لجنة الإفتاء


  في الحقيقة لم أكن أتوقع من " الشيخ عبد الباري الزمزمي" (رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل ) أن تصدر منه فتوى أن "تناول الأدوية من دون ماء في نهار رمضان لا يبطل الصيام"، وحينما قرأت الخبر صعقت فعلا، مع أني لازلت مقتنعا أن الشيخ رغم خطئه في اجتهاده هو ينطلق من حسن نية، (ومن اجتهد فأصب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر) ولكن يبقى الأمر لأهل العلم هم من لهم الحق أن يردوا ويناقشوا هذه الفتوى لأنهم أهل الاختصاص، وليس ما رأيته في بعض المواقع من هجوم على الشيخ من طرف أناس غير مؤهلين للرد على الفتوى.

وقد استنكر بعض علماء الأزهر هذه الفتوى واعتبرها البعض أنها شاذة، حيث وصف الأزهر فتوى الشيخ زمزمي بأنها كلام شاذ، كما أكد الدكتور أحمد محمود كريمة من جامعة الأزهر أن ما يدعيه الزمزمي في زمن عشوائية الفتوى هو قول شاذ، وأنه من المقرر شرعا أن كل ما يتجاوز الحلق ويدخل الجوف أثناء الصيام من سوائل ومجمدات، سواء كانت مغذية أو غير مغذية فإنها تفطر الصائم، وذلك بإجماع الفقهاء. المصدر
وقال الشيخ عبد الفتاح علام، وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، أن أي شىء يبتلعه الإنسان فى نهار رمضان فهو مفطر، سواء كان ذلك الشىء مغذياً أو غيره.

وكان عبد الباري الزمزمي، قد أباح للصائم تناول الأدوية نهارا لكن دون ماء، معتبرا أن ذلك لا يتسبب في إبطال الصيام. وقال إنه "يحق للمريض تناول الدواء دون ماء كما يمكنه حقن الإبرة وإكمال صيامه، فذلك جميعه جائز ولا يبطل الصيام نهائيا".وأوضح عبد الباري الزمزمي أن "شهر رمضان اختبار للناس فيما يخص الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة الجنسية، وغير ذلك لا يبطل الصيام نهائيا". المصدر


السؤال الذي يبقى مطروحا، أين هم علمائنا المغاربة من كل هذا؟
 ألم تصدر الفتوى من شيخ مغربي حاول الاجتهاد؟
 أنا استغرب للصمت الذي يخيم على المجالس العلمية ولجنة الإفتاء، لماذا لا تقوم بمعالجة مثل هذه النوازل، وتقوم بمناقشة الفتوى بطريقة علمية دون اللجوء إلى الهجوم، كما وقع في سنة 2006 مع الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، عندما أفتى لأحد المغاربة بجواز الاقتراض من البنوك الربوية للسكن معتمدا على فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء التي تجيز للأقليات المسلمة في أوروبا شراء بيوت للسكن عن طريق القروض البنكية.
فقامت الدنيا ولم تقعد وحُوّلت المسألة إلى مسألة سياسية بعدما كانت فقهية. ولكن هل قام علمائنا بالرد على فتوى القرضاوي ومناقشتها بطريقة علمية؟
للأسف لم يكن ذلك كل ما في الأمر أنهم هاجموا الشيخ القرضاوي عبر بيان شديد اللهجة، ووصفوه - ولو أنهم لم يذكروا الاسم - بالتطاول والغرور... أما المغاربة فكانوا ما يزالون ينتظرون فتوى لجنة الإفتاء حتى تحسم الأمر، وترد على المستفتي، ولكن لم يكن شيء إلا الصمت بعد الهجوم.

إن ساحة الإفتاء إن لم يملأها علمائنا الأجلاء ولجنة الإفتاء الموقرة فمن الطبيعي أن يلجأ المغاربة إلى من يفتيهم سواءا كانوا شيوخ مغاربة مستقلين مثل الشيخ الزمزمي أو شيوخ المشرق المبجلين، الذين نحبهم ونقدرهم لأنهم يجتهدون ولا ينتظرون الأوامر كي يصدروا الفتوى كما فعل شيخ الأزهر السابق الطنطاوي رحمه الله وغفر له في فتوى الجدار الفولاذي.

 أنا كمغربي استغرب دائما للفجوة القائمة ما بين المواطنين وعلماء لجنة الإفتاء، فليست هناك اجتهادات تعالج النوازل التي تتجدد في وطننا، وما داموا يؤمنون بأن المفتي يجب أن يكون أدرى ببلاده وأهله حتى تكون الفتوى صحيحة، وإن كانوا لا يريدون أن نستورد الفتوى فليقوموا بدورهم ويملئوا الفراغ، وأنا لا أشك في قدراتهم بل أنا كلي يقين أنهم أهل لذلك.

22 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق

لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.

 
Free Web Hosting