16 الشاعر الأمازيغي الحاج بلعيد


 تزخر الثقافة المغربية بألوان شتى من الفنون عربية كانت أو أمازيغية وطبعا منها ما يتمشى مع الفطرة السليمة ومنها ما يخالفها بحكم بعض التشويه الذي لحقها من تغيير الحال وتبدل الوقائع والتفتح على ثقافات أخرى أجنبية.

وعندما نبحث في التراث الأمازيغي نجد أنه زاخر بأنواع من الفنون ومجموعة من الثقافات والحكايات الشعبية والألغاز "الحجّاية" بالإضافة إلى الشعر الذي اهتم الأمازيغ به اهتماما كبيرا كما اهتمت به القبائل العربية في الجزيرة العربية، فمولد الشاعر هو مولد القبيلة، لأنه يعتبر بوقها الإعلامي والناطق باسمها، ولهذا وظف الأمازيغ الشعر في قصائدهم الغنائية، والتي تسمى" أمارك AMarg" مع اعتبار أن الشعر في الثقافة الأمازيغية هو الغناء أو الإنشاد فلا فرق بينهما، فالمنشد أو المغني هو الشاعر.

ولعل الذاكرة الشعبية المغربية وبالخصوص الأمازيغية تحتفظ باسم شاعر كبير معروف عند أغلب المغاربة ولو حتى بالاسم سواء عربهم أوعجمهم، وهو الشاعر الغنائي الحاج بلعيد.

ولد هذا الشاعر على وجه التقدير سنة 1873م في منطقة سوس من المغرب، وتميز شعره العاطفي بصدق المشاعر اتجاه وطنه تتخللها توظيفات رمزية للأنثى والطبيعة.

وتميز غنائه بالوصف والنقد بحيث كان ينتقد تلك العادات السيئة والسلوكيات المشينة التي تظهر في المجتمع، وسرد القصص التي لها علاقة بالإنسان ومجتمعه.
غنى في مواضيع مختلفة: عن المرأة، الوطنية، الدين (الوعظ والإرشاد)، وغنى للمقاومة ضد الاستعمار... وقد اشتهر شاعرنا بقصيدة طويلة نظمها حول موسم الحج يحكي فيها تفاصيل سفره للديار المقدسة، ابتدأ من ميناء الدار البيضاء إلى حين عودته، وقد زار في رحلته هذه كلا من مصر وسوريا، وفسر في بطن القصيدة مجموعة من الفرائض الدينية كالوضوء والصلاة وبيّن محاسن الزكاة وتفرع في وصف مناسك الحج، وذلك بشكل غنائي رائع يسهل على كثير ممن لم ينالوا حظهم من القراءة والعلم أن يحفظوا ويستوعبوا مبادئ الدين من فرائض وسنن وأركان بهذا الشكل وبلغة يفهمونها. وهذه الطريقة كانت متبعة عند أغلب العلماء والفقهاء قديما بحيث ينظموا أبيتا للحفظ لتسهيل الأمر على الطلبة، أو الناس بصفة عامة ممن لم يكن لهم إلمام بالعربية.
وبالإضافة إلى كل هذا فقد اعتنى هذا الشاعر بالجانب التاريخي فهو غنى في قصائده أهم الأحداث التي شهدها عصره مثل تولية خليفة الأمير مولاي الحسن الأول على تزنيت فوصف فرحة الناس بذلك...
كما وصف الأحداث التي وقعت بعد وفاة  الحسن الأول والضيق الذي تعرضت له القبائل من طرف المستعمر لإخضاعها.

يعتبر الحاج بلعيد من أوائل المغاربة الذين بادروا إلى تسجيل أعمالهم الفنية وكان ذلك في فرنسا سنة 1930. وحدث أن التقى في الشركة التي سجلت له غنائياته بالموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان بدوره هناك بصدد تسجيل أغانيه، ودار بينهما حوار وتعارف.

كان الحاج بلعيد شاعرا وملحنا ومغنيا، وعازفا على آلة الرباب – وتنطق بالأمازيغية بكسر الراء- التي يتميز بها أهل سوس بالأخص، وكان ذو موهبة غزيرة فله قدرة أن ينظم القصيدة ويلحنها في نفس الوقت ويغنيها، ولهذا فهو أعتبر مدرسة غنائية للعديد من الشعراء الغنائيين في منطقة سوس، وخاصة وأنه أول من أدخل آلة الرِباب على هذا الفن.
 من القصائد المشهورة له والتي أعيد غنائها بأصوات شبابية جديدة:
الطالب (العالم)
تالوين (هي منطقة أو بلدة يصفها الشاعر بانبهار لجمالها وعمرانها)
المكينة (الفونوغراف)
الجوهر (يصف فيها مراحل تتغير فيها الجوهرة من التصنيع إلى أن توضع على الصدر)
أجديك (تقرأ الكاف بثلاث نقط هكذا agddig وهي الوردة).
إكيكيل (Igigil يعني اليتيم).
أييس (الجواد)
أثبير أومليل (اليمامة البيضاء)

----------------------------------------------

في أعلى تظهر صورة الشاعر وهو ممسك بآلة الرِباب.
أبو حسام الدين

16 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق

لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.

 
Free Web Hosting