9 الأمازيغية


  أكون مترددا دائما حين أريد أن أكتب في هذا الموضوع قد تكون الأسباب أني لا أريد أن أتهم بالتعصب، أو أني أعادي جنسا من الأجناس أو أني ... وغيرها من التهم، مع أن من خالفني الرأي ينطلق في أكثر مرة من عصبية، وأنا ولله الحمد لا عصبية عرقية لدي فكما أني أفتخر بالازدواجية اللغوية التي عندي، أفتخر لكوني أمازيغيا أحب ثقافتي ولغتي، التي حرمت من تعلمها كتابة،وأفتخر أني مسلم قبل كل شيء.
 ولكن بالأمس فقط وأنا أشاهد قناة الجزيرة وقد استضافت على الهواء مباشرة وزير الدولة المغربي امحمد العنصر فكان الموضوع عن اللغة الأمازيغية ودسترتها في الدستور المغربي والمطالب التي ينادي بها البعض هنا في المغرب وهي كثيرة وقد استجابت الدولة للبعض منها..كتدريس هذه اللغة في المدارس وإنشاء قناة خاصة، ولكن هناك من يطالب بالأكثر..
 على العموم الذي استفزني ليس هذا وإنما هو طريقة المتصلين بالبرنامج الذي كان على الهواء وأسلوب المتكلمين، وأغلب المتصلين يجهلون الواقع المغربي وثقافته بشكل كبير ذلك أنهم لا يعيشون بهذا البلد العزيز.
هناك مغالطات كثيرة وردت في تدخلاتهم ومفاهيم يجب أن تعدل اتجاه من يظنون أن المطالب الأمازيغية هي نوع من مؤامرة صهيونية، على العربية أو على الإسلام بالأخص.

وقبل أن أتكلم عن أي شيء لا بد أن أشير إلى أن أي قضية كيفما كانت لابد أن يكون هناك من يحاول أن يستغلها من الأيادي الأجنبية، وهذا ما أظن أنه شوه القضية الأمازيغية حتى اعتقد البعض أن أي مطلب يعد مخطط صهيوني، ولكن المغاربة ولله الحمد يؤمنون بالوحدة.

ما دين المغرب؟

إنه منذ الفتح الإسلامي والمغرب يدين بدين الإسلام بعد أن اعتنقه الأمازيغ - أو كما يحلو أن يسميهم البعض (البربر) - فاختلط الجنس العربي الذي جاء من الشرق العربي بالجنس الأمازيغي المغربي. تشكلت مكونات المجتمع المغربي من هذان الجنسين، ووحد الإسلام بينهما، كما وحد بين جميع القبائل العربية القديمة التي كانت تتحارب لأتفه الأسباب، من وقتها فالدين الرسمي للمغرب هو الإسلام ولم يكن المغرب في وقت من الأوقات أو في زمن من الأزمان التي تلت الفتح الإسلامي نصرانيا ولا يهوديا.وهناك من الدول التي حكمت المغرب من انحدرت من أصول أمازيغية كالمرابطين والموحدين والمرينيين... كما إن اللغة التي كانت رسمية هي اللغة العربية، وقد سبق لي أن تكلمت في موضوع لي أن حتى الأمازيغ ساهموا بكثير وليس بقليل في تعلم وتعليم اللغة العربية، فكان من بينهم نحْوِيون ولغويون - ابن أجرم-، وكما ساهموا في نشر الإسلام بتعلمهم العلوم الشرعية وتعليمها... ومن المعروف عند كل المغاربة وغيرهم ممن يعرفون المغرب  أن في منطقة سوس ما تزال مدارس تقليدية تدرس اللغة العربية والقرآن والعلوم الشرعية بالطريقة القديمة المتوارثة عن شيوخ السلف، وعلى مذهب الإمام مالك، وهذه المدارس تسمى "بالمدارس العتيقة".

الأمازيغ عنصر مكون للمجتمع والثقافة المغربية.

إن لغة لها تاريخ مند عهد الفينيقيين والرومان ولها جذورها التاريخية ولها ثقافتها ليس من المنطق أن يسمح لها بأن تندثر وتنقرض بسهولة، في خضم هذا الانفتاح اللغوي والثقافي على كل شيء أجنبي.
كما أن الثقافة المغربية هي خليط متجانس من الثقافات العربية والأمازيغية والصحراوية، ومنها ما هو متداخل لحد أنه يصعب التميز بين هذا وذاك، كما أن المتتبع للأصول العرقية لبعض المغاربة الذين يتكلمون اللغة العربية الآن ويُحسَبون من العرب قد يجدهم أمازيغ في الأصل، وذلك راجع لأن البعض تعرب لعدة أسباب من ضمنها مسألة المصاهرة ما بين الجنسين وغيرها من الأمور التي يطول شرحها..
كما أن الأمازيغ يمثلون نسبة كبيرة في المغرب،وعلى حسب التقسيم الموضوع نجد أن في الأطلس الكبير والصغير فئة كبيرة وفي جبال الريف مجموعة أكبر من الأمازيغ، يعني أنهم في الشمال والجنوب، كما أنهم منتشرون في كل مدن المغرب، ولا تخلو مدينة منهم..وكلهم يقدمون ولائهم لإسلام، ويعتبرونه الدين الرسمي للوطن ولا نزاع حول هذا الجانب، ويؤمنون بالوحدة الترابية والدينية.
كما أنهم لا يكنون للغة العربية أي عداء فهي لغتهم الدينية وهي لغة القرآن ولغة التعبد والصلاة، وكل المغاربة يتعلمونها بإرادتهم وباقتناع تام.
وقد حاول الاستعمار الفرنسي الذي خضع له المغرب سنة 1912 أن يزعزع هذا النمط التعايشي بين الامازيغ والعرب متبعا سياسة التفريق وذلك بإصدار ما سمي بالظهير البربري في 16 مايو 1930 والذي حاول من خلاله أن يُخضع المناطق الأمازيغية للسلطة الإدارية للمستعمر وتبقى المناطق التي بها العرب تحت إدارة السلطان.
طبعا هذا الظهير واجهه المجتمع المغربي بكل فئاته بالرفض لأنه يعتبر خطرا يهدد وحدة المغاربة ووحدة الوطن.
في تاريخ 30 يوليوز 2001 أكد الملك محمد السادس في خطابه، على أن التعدد اللغوي والثقافي يكون طابع التنوع وكذا الالتحام والوحدة وهذا ما تميزت به الهوية الوطنية عبر التاريخ، وكل هذا مستمد من تنوع روافدها" الأمازيغية والعربية والصحراوية والإفريقية والأندلسية".
" إن النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية. كما أنّ عليها، انطلاقا من تلك الجذور، أن تنفتح وترفض الانغلاق، من أجل تحقيق التطور الذي هو شرط بقاء وازدهار أيّ حضارة." (المصدر)
كما أعلن في نفس الخطاب - عن إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي حددت مهامه في:"صياغة وإعداد ومتابعة عملية وإدماج الأمازيغية في نظام التعليم والقيام بمهام اقتراح السياسات الملائمة التي من شأنها تعزيز مكانة الأمازيغية في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي الوطني وفي الشأن المحلي والجهوي".(المصدر) 
فجاء خطاب 17 أكتوبر 2001 بمدينة أكادير ليعن الملك عن ظهير إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. (المصدر)


مطالب الحركة الأمازيغية

هناك مطالب كثيرة وكما قلت قد تم تحقيق بعض منها، ولكن بقي الإشكال الوحيد في مسألة مهمة وهي رأس المطالب الحالية وهي مناط الخلاف، وهي دسترة اللغة الأمازيغية وهذا ما كان حوله الحوار الذي قدمته الجزيرة مع وزير الدولة السيد امحمد العنصر.
هناك من يطالب بجعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية للمغرب كما أن هناك من يرى أن جعلها لغة وطنية بجانب اللغة العربية هو اعتراف رسمي بها كلغة يمثلها ويتحدث بها أكثر المغاربة.
أنا أتفق مع رأي الوزير في ما قاله في حواره مع الجزيرة: "ما العيب أن تكون بجانب اللغة العربية في الدستور اللغة الأمازيغية، وأن يكون للمغرب أكثر من لغة رسمية، هناك دول عندها أكثر من لغة رسمية..." - لماذا دائما عندما نذكر لغتنا هذه يخرج علينا قائل بأن هذه مؤامرة على اللغة العربية، أليس من حق الأمازيغ أن يرتبطوا بثقافتهم ولغتهم التي حافظ عليها البعض منذ الغزو الروماني إلى الفتح الإسلامي في المغرب  إلى يومنا هذا.
أنا لا أريد أن أدخل في خطاب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وما تنص عليه حتى لا يكون كلامي أكاديميا، وكذلك حتى أُرْجع دائما كلامي لما عندنا لا إلى ما عندهم.(أقصد الغرب).

كثيرا ما نجد أن اللغة المتحدث بها في الإدارات وبعض الأماكن هي الفرنسية رغم أن اللغة المنصوص عليها في الدستور هي العربية، وهناك مناطق في شمال المغرب تتكلم الإسبانية كذلك، فهل مسّ هذا بوحدة المغرب الإسلامية والعربية أو غير ذلك؟

المغرب يوحده الإسلام وليست العربية ولم يكن الإسلام أبدا مجرد لغة تحرك عقائد المسلمين، ثم إني قلت أكثر من مرة أن الأمازيغ ما عربهم إلا الإسلام .
وأنا أرى المواطن من حقه أن يعبر عن ثقافته وأن يكفل له الدستور هذا الحق مادامت ثقافة متشبعة بروح الإسلام السمح.
فتجاهل مطالب الأمازيغ اللغوية والثقافية يعد إقصاءا لفئة كبيرة من المواطنين في المغرب، لهذا لا يجب أن ينظر أحد إلى أن بعض المطالبين بهذا الحق تحركهم أيدي صهيونية، حتى لا يكون كلامنا يجرفنا إلى أن نقع في مزالق أخرى قد تؤدي بنا إلى أن نسقط في حيز القوميات المتعصبة.

أبو حسام الدين
الصورة في الأعلى لسوار من الحلي الأمازيغية

9 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق

لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.

 
Free Web Hosting