إن الدوافع الأساسية لمحاولة جمع أسماء علماء المغرب تكمن في أن غالبيتهم لم يحظوا بالشهرة كما حظي بها علماء المشرق العربي؛ مع أن منهم من يعتبر قبلة في العلم والفقه والحديث... ومن حقنا أن نسأل أين يمكن أن يكون الخلل؟ أفي العلماء أنفسهم، أم فينا نحن المغاربة، أم في الدولة ووسائل الإعلام التي لا تهتم برواد العلم والأدب في مغربنا الحبيب. ولست هنا بصدد الإجابة على السؤال؛ المهم أن نعرف أن هناك تقصير، وهذا هو الواضح والمتفق عليه بين كل الآراء.
وقد تُرجع بعض الأسباب في ذلك إلى أن المشرق هو قبلة كل من له صنعة في العلم أو الفن وهذا لا مجال لإنكاره، فكلنا يعلم أن من أراد الشهرة فليشد رحاله إلى هناك. ولكن لابد أن نعرف ويعرف غيرنا أن الشهرة لم تكن يوما معيارا لفقه العالم أو علمه، بل المعيار هو كيف يؤدي رسالته العلمية، وما هي الأجيال التي صنعها وعلمها، وما هو العلم الذي ساهم به أو ورّثه. والذي نشاهده أن عامة المغاربة لا يستشهدون إلا بقول علماء المشرق وكأن المغرب عدم رجال العلم والأدب. وكلامي هذا ليس انتقاصا من قيمة المشارقة أبدا بقدر ما هو رد اعتبار فقط لكل عالم مغربي – الذين يستحقون منهم طبعا- اجتهد لتبليغ رسالته وأظن ظن يقين أن أغلب علماء المغرب انشغلوا بعد تحصيل العلم والبحث بتلقينه وأداء رسالته دون الالتفات إلى الشهرة، أو الدخول إلى وسائل الإعلام، وهذا ما جعل أسمائهم مقبورة إلا ما بدأنا نشاهده في السنين الأخيرة من ظهور وتألق وبروز. وقد سبق ابن حزم الأندلسي إلى الإشارة أن شهرة العالم تظهر بسفره إلى المشرق وهذا ما عبر به عن نفسه في قصيدة مطلعها:
هذه ترجمات بسيطة وموجزة جدا لبعض من علماء الدين المغاربة (ذكرا لا حصرا) وسأقسم لائحة الترجمة إلى جزئيين حتى لا أطيل، وهذا هو الجزء الأول منها:
• الحافظ الشيخ الدكتور محمد التقي الدين الهلالي:
هو العلامة المحدث واللغوي والأديب والرحالة، يعرف بتقي الدين الهلالي ولد سنة (1311 هـ وتوفي في سنة 1407 هـ يونيو 1987م) ، حصّل العلم بمسقط رأسه بمدينة تافيلالت. وأسرته أسرة علم وفقه، ثم انتقل إلى فاس وحصَل على شهادته من جامع القرويين، ثم انتقل في رحلة لطلب العلم والدعوة إلى القاهرة، والتقى بعلماء مصر ومشايخها الأجلاء، ظل في مصر سنة يدعو إلى عقيدة السلف، ويحارب الشرك والإلحاد، وتوجه إلى الهند بعد حجه، واستفاد في علم الحديث من عدة علماء هناك وأخذ من أحدهم إجازة الحديث، ثم توجه إلى البصرة والعراق، وجنيف بسويسرا... ودرّس في عديد من كليات العالم العربي وخاصة بالمملكة العربية السعودية. عرف بعلمه الواسع. متقن للألمانية بحيث عين محاضرا بجامعة بون ثم جامعة برلين وكان طالبا بهما كذلك، وله شهادة في الأدب العربي.
بعض من مؤلفاته: الزند الواري والبدر الساري في شرح صحيح البخاري (المجلد الأول فقط) • دواء الشاكين وقامع المشككين في الرد على الملحدين • العقود الدرية في منع تحديد الذرية. وغيرها كثير..
• الشيخ المحدث الحافظ أبو شعيب بن عبد الرحمان الدكالي الصديقي:
معروف بأبي شعيب الدكالي ولد عام ( 1295 هـ موافق ل 1878م - توفي 1356 هـ )، كان من كبار شيوخ المنهج السلفي وقتها في المغرب، سافر إلى مصر وأخذ العلم على يد جملة من علماء الأزهر الشريف ، وانتقل إلى مكة وتولى مهام دينية كالخطابة في الحرم المكي، والإفتاء على المذاهب الأربعة ، وكما أجازه العديد من كبار علماء الحجاز في رواية الحديث.
من تلاميذه رحمه الله:
- العلامة محمد المختار السوسي: فقيه وأديب ومؤرخ وباحث في المخطوطات المغربية، ومناضل ضد الاستعمار الفرنسي؛ ولد سنة (1318هـ) بجنوب المغرب في منطقة سوس، درس بجامعة ابن يوسف ودرّس بها، وهو أول وزيرا للأوقاف بعد الاستقلال. له عده مؤلفات في الأدب والتاريخ منها: المعسول (في 20 جزء جمع فيه تقاليد وعادات سوس وعلمائها) • وسوس العالمية •خلال جزولة • تقييدات على تفسير الكشاف للزمخشري...إلخ
- الشيخ الرحالي الفاروق: ( 1315 – 1405هـ.) قرأ على شيخه أبو شعيب الدكالي الموطأ للإمام مالك و صحيح الإمام البخاري، ودرس على ثلة من شيوخه بجامعة ابن يوسف بمدينة مراكش، وبجامعة القرويين بفاس.
- العلامة علال الفاسي: وهذا غني عن التعريف عند المغاربة فهو مؤسس حزب الاستقلال، ومناضل وزعيم سياسي أيام الاستعمار الفرنسي. ويعتبر من الحركة السلفية التي ظهرت في عهده وتعتبر سلفية التجديد كالشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا وغيرهم..
درس بجامع القرويين بفاس وعلى يد عدة شيوخ في الفقه والتفسير والحديث والأدب وحصل على شهادة العالِمية، كما أجازه شيخه أبي شعيب الدكالي بإجازة الرواية.
بعض مؤلفاته: • مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها • نضالية الامام مالك ورجال مذهبه • تاريخ التشريع الإسلامي. وكتب أخرى كثيرة..
• الشيخ الحافظ عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري:
ولد سنة ( 1328هـ) بطنجة وتوفي بتاريخ (11 ديسمبر 1993م /1414 هـ) ، أخذ العلم على والده الشيخ محمد بن الصديق، وحضر مجالس العلم بفاس، انتقل إلى مصر وسكنها ودرس على يد كبار شيوخ الأزهر الشريف كالإمام محمد بخيت والشيخ محمد الطهطاوي، والعلامة محمد إمام السقا.. وتتلمذ عليه عدة علماء من المغرب والمشرق، ومن بين تلاميذه هو الدكتور الشيخ فاروق حمادة الذي صاحبه ربع قرن تقريبا. وترك الشيخ عبد الله بن الصديق مصنفات كثيرة.
وللعلم أسرة ابن الصديق هي أسرة معروفة بالعلم، ومنها علماء كثيرون، فهناك مثلا: العلامة الحافظ أحمد بن محمد بن الصديق، العلامة عبد العزيز بن الصديق والشيخ محمد الزمزمي بن محمد بن الصديق، والشيخ عبد الباري الزمزمي الذي مازال على قيد الحياة. والمحدث الدكتور إبراهيم بن محمد بن الصديق الغماري: توفي في (10 أبريل 2003م) درس بالأزهر الشريف من سنة ( 1957 إلى سنة 1980)، ثم عاد إلى المغرب بسبب وفاة والده، والتحق بكلية الشريعة بفاس...
إرسال تعليق
لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.