23 احترام ملكية الآخرين.

عالم الانترنت لا يختلف كثيرا عن العالم الواقعي بما يحمله من ايجابيات وسلبيات متعددة ومتنوعة، وبما يضمه من أشخاص يقودك تيار التواصل للتعرف عليهم باختلاف ثقافاتهم وفكرهم وتوجهاتهم . وبما أن أي كاتب أو شاعر ينشر أعماله ويخشى عليها من السرقة فكذلك في العالم الافتراضي هناك قراصنة لا عمل لهم سوى أن ينسبوا مجهود الآخرين لأنفسهم دون تأنيب ضمير. ومادامت  إمكانية النقل سهلة جدا ومتوفرة للجميع فهم يستغلونها في سرقة ما تعب فيه الآخر في غياب قانون يحفظ حقوق النشر.
للأسف الشديد صار المحتوى العربي على الانترنت يضم كمّا هائلا من الأشياء المكررة والمنقولة، وهو ما تكتظ  به  بعض المنتديات التي تسمح بنشر أي شيء بدون مراجعته، والتأكد من عدم تكراره. وأذكر في هذا الموقف استثناءً، منتدى الأمل الذي أعتبره من أفضل المنتديات العربية - التي أعلمها لحد الساعة- في المحافظة على حقوق النشر، وعدم قبوله لأي شيء منقول ومكرر.

لا يقتصر مفهوم السرقة على الماديات الملموسة فقط  بل إنه يتجاوزه  ليضم  الأفكار والإبداعات وكل ما ينتجه الإنسان من فكر وعلم وأدب. كما لا يصح أن نستهين بأي كلمة نكتبها بدعوى "أنها مجرد كلمات ولا يهم من قالها أو من كتبها أو من نشرها، المهم أن تصل فكرتها"، كل هذا لا اعتبار له أمام المبدأ الذي هو الأمانة ثم الأمانة.
من واجبنا كمدونين أن نتصدى لمثل تلك الأفعال، بل من اللازم علينا أن نحاول نشر ثقافة احترام حق الملكية الفكرية بما تضمه من حق المؤلف أو المدون. وأن نلتزم بذكر المصادر فيما نتناوله من نصوص، كما أنه لا تكفي كلمة "منقول" التي نجدها كثيرا مرافقة لبعض المنشورات على الشبكات الاجتماعية أو حتى على بعض المدونات، فالكلمة قد تبرئ الشخص الذي نقل بأمانة لكونه لا ينسب ذلك لنفسه. لكن من جهة أخرى ومن وجهة نظر مختلفة فهو يُعتبر اعتداءً على حق المؤلف الذي كتب وأجهد فكره في إخراج عمله إلى الوجود وفي النهاية ينتهي به الأمر إلى أن تصير كلمة تحتوي على خمس حروف (منقول) هي من تقوده حيث وضع وحيثما نشر.
إن الاقتباس ليس عيبا ولا مستنكرا لأنه بمثابة تعزيز واستئناس، ودعم لتدويناتنا وكتاباتنا إن توافق ما تضمه من أفكار مع ما نريد اقتباسه، لكن العيب هو التعسف على حق المؤلف إن جردنا منشوراتنا على الانترنت من  ذكر اسمه أو المصدر الذي اقتبسنا منه.
إن تضييق مساحة المنقول والمساهمة في نشر هذه الثقافة في أوساط مستعملي الانترنت العربي عموما والتدوين خصوصا، سيكون بمثابة تشجيع على الإبداع وخلق أعمال جديدة وإثراء المحتوى العربي على الشبكة الالكترونية.. فالتكرار والنقل والسرقة وإعادة النشر ليس فيه أي مجهود ذهني ولا اجتهاد فكري، ولن يساهم من قريب ولا من بعيد في فتح مجال التدوين أمام الشباب العربي. كما أنه لن يساعدنا على زرع تلك الثقافة التي نرتجيها وهي احترام ملكية الآخرين.


اعلان:
أنشأت من مدة قريبة مجموعة على الشبكة الاجتماعية فيس بوك اسمها: "لغة الضاد بين الاهتمام والتحدي"، من ضمن أهدافها الاهتمام باللغة العربية في ظل التحديات التي تواجهها في هذا العصر، و نشر ثقافة احترام الملكية الفكرية للآخرين، ومحاولة إضافة الجديد على المحتوى العربي بالانترنت دون اللجوء إلى التكرار والنقل.
للمجموعة مدونة خاصة تحَوّل لها إبداعات المشاركين التي يساهمون بها حتى لا تبقى حبيسة صفحات الفيسبوك.

يسعدني أن تنضموا لهذه المجموعة وتساهموا معنا في نشر الفكرة ودعمها.


رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير.

23 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق

لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.

 
Free Web Hosting