16 الدستور والوعي الشعبي

مشروع التعديل الدستوري أمر محبذ ومطلوب ويعتبر من تطلعات فئة كبيرة من السياسيين والنقابيين والشباب، ورغم أنه ستكون هناك مرحلة أخرى بعد الموافقة على التعديل الدستوري وطرحه للاستفتاء الشعبي وهي مرحلة التوضيح وتفسير للفصول التي سيتضمنها هذا الدستور الجديد، لكن لا أخفيكم أن أغلب المغاربة من فئات الشباب والطبقات العاملة والحرفية وغيرها تجهل محتوى الدستور، كما أن ثقافتها من هذه الناحية هزيلة؛ طبعا ومن المؤكد أن وسائل الإعلام وكما قد صُرّح بذلك ستجند آلياتها للتوضيح والتفسير بلغة بسيطة وقريبة إلى كل المستويات الثقافية، وستكون لغة التخاطب بالدارجة المغربية التي يتقنها جميع المغاربة، لكن من وجهة نظري ورغم كل ما سبق فليس كل المغاربة على استعداد لاستيعاب محتوى الدستور وكذا التغيرات التي طرأت عليه، خاصة أن فئة قد تعتبر أن الأمر لا يعنيها.. قد نقسم الشعب إلى ثلاث فئات مثلا: الأولى ترغب في فهم التغييرات بشكل عميق وتحرص على أن يكون الدستور مقنعا لها لأنه بمثابة قانون منظم للدولة ومؤسستها، ومن الواجب عليها أن تعيه قبل أن تضع صوتها بنعم أو بلا. الثانية: لا تكلف نفسها عناء الفهم وكأنها بعيدة كل البعد عن الساحة السياسية مدعية أن الأمر ما يراه أصحاب القرار، وأن ما عليها إلا أن تقول نعم. والثالثة: قد تعي الوضع جيدا لكن تلتزم الصمت وقد لا تبدي صوتها أصلا، وقد تكون لها دوافع أخرى تجعلها كذلك؛ وقد يكون ضمن هذه الفئة كذلك الغير مبالين بهذا التعديل جهلا منهم بمفهوم الدستور أصلا، وهذه الفئة أكثرها في البوادي والقرى والمناطق الجبلية...
فهل الاستفتاء الشعبي سيأخذ حقه من المشاركة خاصة إن كانت فئة ستقول نعم فقط لمجرد أن الأمر واجب وطني أما محتوى الدستور فلا يهمها بدعوى أن الدستور ما هو إلا حبر على ورق، وأن التغيير لا يجدي مادام التطبيق مغيب، وإن كانت فئة أخرى صامتة فكيف نحقق تلك الإرادة الشعبية التي ستشكل لنا قرارا دستوريا نابع من قناعة الشعب؟
كم يهمني جدا أن يصوت الشاب والرجال والنساء، والشيوخ بقناعتهم التامة بلا تدخل من جهاز مخزني - المتمثل بشدة في المقدم والشيخ لأنهما أكثر إلتصاقا بالطبقات الشعبية وأكثر تأثيرا خاصة بالبوادي والقرى؛ فلا نريد التصنيف التالي: "مع أو ضد"، أو خوف من أحد أو إرضاء أو حتى اعتبار أن الأمر لا يهم سواء قلت نعم أو لا فماذا سيزيد ذلك أو ينقص.. كم يهمني أن يضع المغربي الحر صوته بقناعة تامة ب "نعم" إن اقتنع بمحتوى الدستور الجديد، وب"لا" إن لم يقتنع به... وطبعا هذا يحتاج منا وعيا بأن الأمر يهم كل المغاربة الذين يحبون وطنهم ويسعون إلى انتقال دستوري لتكريس الديموقراطية التي نسمع عنها فقط.

(التدوينة كتبتها قبل الخطاب الملكي)

أبو حسام الدين

16 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق

لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.

 
Free Web Hosting