47 مراكش الحمراء

   إن التعريف ببلداننا واجب علينا حتى يكون هناك تواصل ثقافي ومعرفي بين كل الشعوب وخاصة منها المسلمة، عربية كانت أو معربة... وبشيء من التوضيح والتبيان يعرف كل واحد منا ما يجهله عن هذا الوطن العربي المسلم، وقد يدخل هذا في دائرة فهمنا للآية الكريمة التي تقول: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)، فالتعارف بين الناس والتعريف ببلداننا شيء ايجابي ومهم، فالحضارة الإسلامية لم تولد من فراغ بل لها تاريخ ممتد عبر الزمان. ولأن كل أهل مصر أو قطر أو مكان أدرى به فستكون المسألة توافق القاعدة التي تقول "أهل مكة أدرى بشعبها"، ولأني ابن المغرب فسأتكلم عن ما ببلدي من مَعلمات تاريخية، وثقافاته المختلفة عربية وأمازيغية وصحراوية.
 موضوعي هذا سيكون عبارة عن تعريف بمدينة مراكش التي تعتبر من المدن المغربية الكبيرة والتي تتميز بتاريخها القديم، كما أنها من المدن العريقة. ثم بعد ذلك ألقي الضوء على بعض المآثر التاريخية التي تزخر بها المدينة موضحا ذلك بالصور التي التقطها في زيارتي الأخيرة، أو مستعينا ببعض الصور مع ذكر المصدر.
طبعا سبق أن تناولت مواضيع كهذه عندما تكلمت عن مدينة القنيطرة، ولكن الحديث عن مراكش يختلف وستكتشفون ذلك فيما سيأتي من تدوينات أخرى.




مراكش:
تقع مدينة مراكش في جنوب وسط المغرب في منطقة أو جهة تانسيفت الحوز، أسسها الأمير المسلم يوسف ابن تاشفين الصنهاجي الأمازيغي عام 454 هجرية/ 1062 ميلادية. وهو ثاني سلطان في دولة المرابطين وأمير المغرب حينها بعد أن تنازل له أبو بكر بن عمر الذي هو ابن عمه عن الحكم سنة 453هـ. لقب ابن تاشفين نفسه أمير المسلمين، وهو الذي كون أول إمبراطورية في الغرب الإسلامي " من حدود تونس حتى غانا جنوبا والاندلس شمالا، وأنقذ الأندلس من ضياع محقق، وهو بطل معركة الزلاقة وقائدها. وقد ضم كل ملوك الطوائف في الأندلس إلى دولته بالمغرب بعدما استنجد به أمير أشبيلية".
اتخذ ابن تاشفين مراكش عاصمة لدولة المرابطين إلى أن سقطت وقضى عليها الموحدون بقيادة عبد المؤمن بن علي الكومي 487هـ - 558 هـ ، 1094 1163 م، فاتخذوها – أي الموحدين- بدورهم عاصمة لدولتهم، ثم بعد ذلك السعديون الذين عرفت دولتهم في عهد السلطان أحمد المنصور الذهبي ازدهارا كبيرا.
تعرف مراكش كذلك بالمدينة الحمراء لتميزها ببنايتها الحمراء قديما وحديثا، كما تعرف بمدينة سبعة رجال لأن بها سبعة قبور لكبار العلماء والفقهاء والأولياء المشهود لهم بالعلم والصلاح، وسأذكر أسمائهم في نهاية الموضوع.

أهم مآثرها:
- جامع الكتبية، وصومعته
- مسجد المنصور الموحدي
- المنارة، وصهريجها
- قبور السعديين
- قصر البديع
- قصر الباهية
- مدرسة ابن يوسف
- أسوار مراكش
- باب دكالة وباب أغمات
- القبة المرابطية
- ساحة جامع الفنا.
- ومتحف دار سي سعيد.

  ليس من السهل حصر تاريخ مدينة في سطور قليلة، فلمراكش ماض عريق، خاصة عندما تأسست لتكون عاصمة لحكم المرابطين، ولأن أي دولة تريد أن تقوم على أنقاض أخرى كان لابد أن تضرب مركز حكمها الذي هو العاصمة، لهذا كانت مراكش عاصمة الموحدين وبعد ذلك السعديين.
مراكش اليوم من المدن الأولى في السياحة فلا تتميز فقط بكونها مدينة تاريخية بل لأنها مدينة النخيل، وذات جو جميل ورائع رغم الحرارة الشديدة في الصيف وشدة برودته في البرد، لكنها مدينة تستحق أن تكون من أروع المدن.
وقد اشتهرت بصومعة الكتبية والمنارة وبساحة جامع الفنا وسنتناول الحديث عنهم عندما نلقي الضوء على مآثرها.
أما سكانها فهم للفكاهة يميلون وللمرح يحبون، يلقبوهم أهل المغرب ب"البهجاوة" لا أدري من أطلق عليهم هذا الاسم، ولكن أظن أن معناه مشتق من البهجة وهي الضحك والفكاهة، وهذا واضح كما قلت في طباع أهل مراكش.
تعرف مراكش بالدباغة وصناعة الجلود، وبالصناعة التقليدية مثلها مثل المدن العريقة كمدينة فاس.. كما عرفت بالعلم وقد درس فيها - بجامعها بن يوسف- كبار العلماء والشعراء أمثال العلامة والأديب المختار السوسي، والأديب محمد بن إبراهيم رحمهما الله.

الرجال السبعة أو" سبعة رجال" وهم:
- يوسف بن علي الصنهاجي، والمعروف بيسدي يوسف بن علي.
- عياض بن موسى اليحصبي، المعروف بالقاضي عياض، هو عربي الأصل ولد بمدينة سبتة سنة 476هـ /1083م، كان قاضيا بسبتة وغرناطة وعرف بالنزاهة والعدل. تلقى دراسته على القاضي ابن عيسى والفقيه أبي إسحاق الفاسي وغيرهم، وكما تابع دراسته بالأندلس والمشرق على القاضي أبي بكر بن العربي وأبي الوليد ابن رشد وأبي بحر الأسدي والمازري وابن الحجاج وغيرهم...
- أبو العباس السبتي وهو أحمد بن جعفر الخرجي السبتي من أكبر أولياء المدينة، ولد بمدينة سبتة سنة 524هـ/1129م
- أبو عبد الله محمد بن سليمان الجزولي، عاش في أواخر القرن الهجري الثامن طاف مدن الحجاز ومصر ومدينة القدس، وهو صاحب الطريقة الجزولية.
- عبد العزيز بن عبد الحق التباع، من مواليد مراكش درس بفاس وتتلمذ على يد الشيخ الجزولي.
- أبو محمد عبد الله بن عجال الغزواني.
- عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الضرير ولد بمدينة مالقة أو مالكة بالأندلس سنة 508 هـ /1114م. دعاه الخليفة يوسف بن عبد المومن إلى العاصمة بمراكش، ومكث بها مدرسا ومحاضرا، إلى حين وفاته سنة 581 هـ /1185م.


في المواضيع القادمة إن شاء الله سيكون الحديث مخصصا للتعريف بمآثر المدينة التي يقصدها السياح، إلى ذلك الحين أستودعكم الله.

إضافة:
أمدتني الأخت سناء المغربية برابط بمدونتها القديمة التي تحتوي على صور أضرحة "سبعة رجال"، فالشكر لها.
وهذا هو الرابط

المراجع المعتمدة: كتاب "المغرب عبر التاريخ" الجزء الأول لإبراهيم حركات، وبعض المواقع بالأنترنت وخاصة ويكيبيديا، وقد تعمدت وضع روابط لكل شخصية أو دولة حتى أسهل على من أراد أن يستزيد في البحث أكثر.

أبو حسام الدين

47 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق

لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.

 
Free Web Hosting