25 الكلام المأثور عن عبد الرحمان المجذوب (3)

بعد انقطاع طويل عن شرح رباعيات الشيخ عبد الرحمان (الرحمن) المجذوب، والتي بدأت شرحها منذ إنشائي لقسم أضواء على الثقافة الشعبية (1- 2)، أعود اليوم بحِكم أخرى من حكمه الجميلة والتي لا يمَل المغاربة من ترديدها على ألسنتهم كلما وجدوا إلى ضرب المثل سبيلا.

للشيخ المجذوب نظرة خاصة عن المرأة فهو يراها بعين الحكمة، وربما أن تجاربه أكسبته معرفة بأمور كثيرة في الحياة من ضمنها النساء يقول:

مَزْيَنْ النّسا بْضَحْــكَاتْ           لو كَان فيهَا يْدُومُــوا
الحُوت يعُوم في المَـاء          وهُما بْلاَ ماء يعُومُوا

مَزْيَن: أي ما أحسن وأجمل – والمعنى أنهن لا يدمن على حالة واحدة فربما هن يظهرن لك بحسن جمال ورقة وسرعان ما ينقلبن انقلابا غريبا – وفي هذين البيتين إشارة إلى حذاقة النساء ومهارتهن وحسن تصرفهن في شؤون الحياة ومعرفة كيف يتخلصن من المشاكل والصعوبات.

سُوقْ النسَاء سُوق مَطْيَـــار         يا دَاخَلْ رُدّ بَالَـــكْ
ِيوَرّيوْا لك من الرّبح قُـنطار        والدَّرْكْ راس مَالك

سوق مَطْيَار: أي لا فائدة فيه ولا ربح ولهذا تراه يحذر الداخل إليه ليكون ببال وعلى بصيرة من أمره ثم إنه بين هذا الغرر بأنهن يرين ويظهرن الأرباح الغزيرة ولكن النتيجة الملموسة هو خسران رأس المال – والدّرْك هو الثقل وتحمل المشاق والأتعاب وخسارة ما كان يملكه الإنسان – وفي رواية أخرى: "والخسارة راس مالك".
والذي لاحظته أن المغاربة يجري على ألسنتهم هذا البيت بالتالي:
يورّيوْكْ من الرّبح قنطار       وَ يَدّيوْا لِيك راس مالك.
وهذا كناية عن أن النساء يستعملن أسلوب التغرير حتى يطمع الرجل فيأخذن كل ما يملك.

يَا لِي تْعيَّط قُدَّام الباب            عَيِّطْ  وُكُنْ  فَاهَــــــــم
َما ِيفسّد بيْن الأحْبَاب            ِغير النساء وَالدّراهم

يا من تنادي أمام الباب    نادي وكن فاهما.
من المعلوم أن النساء بكلامهن والنزاع بينهن يفسدن بين الأصحاب لأن أزواجهن ينصتون في آخر الأمر إلى أقوالهن فيكون ذلك سببا لإيقاع الخلاف والمناقشات التي لا تحمد عقباها وللعداوة بين الأقارب والأصدقاء، كما أن المال وبالخصوص القرض (السلف) له أيضا ذلك التأثير وهذا المال غير المرضي – والذي يظهر أن الشيخ المجذوب جعل البيت الأول وسيلة ليتوصل إلى المعنى الذي قصده في البيت الثاني وكثيرا ما يقع له مثل هذا الصنيع.

في النهاية أقول أن كل ما جاء هنا ليس عاما وشاملا بل هي مظاهر موجودة في المجتمع ولا تخلو منها أي بيئة، سواءا اختلف الزمان والمكان، ولكن الشيخ بنظرته للمرأة لا يقصد أنها تخلو من مميزات حسنة بل هو ينتقد الجانب السلبي الطاغي عند بعضهن، فمن وجهة نظري لا يمكن أن نعمم على كل النساء ما جاء في رباعيات الشيخ المجذوب.

                                                                     عن كتاب القول المأثور من كلام سيدي عبد الرحمان المجذوب
                                                                                      مكتبة الوحدة العربية الدار البيضاء
                                                                                       بتصرف: أبو حسام الدين

أبو حسام الدين




25 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق

لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.

 
Free Web Hosting