إن الفعل إذا شاع بين أناسِ، وصار غير مستنكَرِ من لدنهم، قيل عنه ما "شاعت به البلوى". وإني أجدُ بعض الأفعال غير أخلاقية شاعت في المجتمع وقد يعتبرها الرَّاءون أشياءً عادية، لم تعد تجد من يُنكرها ولا ترتقي في نظرهم إلى حدّ الاستنكار رغم وجود المتضررين منها.
من شهور وأنا أفكر أن أتناول بالكتابة ظاهرة نراها كل يوم في أماكن عدة، وقد عزمت الأمر اليوم، خاصة لمَّا تطور اشمئزازي، وضاق صدري، وصار ممارسو هذا الفعل الغير أخلاقي أراهم حيثما يممت، فانطلق لساني.
إن التبوّل على أرصفة الشوارع والطرقات العامة والأزقة، ظاهرة تنكرها الأخلاق بمنطق العقل والفطرة، فهي تطورت إلى حدّ أننا نجد كل حيطاننا (مزينة) بعبارة "ممنوع البول"، وكأننا أمة بوّالة فحسب لا تنتج غير هذا السائل حيث ما حلّت، مغيبة العقل لا تميز بين مكان مخصص لقضاء الحاجة وبين طرقاتها العامة.. وقد قرأت أن دولا أجنبية تفرض غرامة على من ضبط يتبوّل في الشارع، أليس الطريق له حق علينا؟ بلى. وقد ورد حديث سُئل فيه النبي: وما حق الطريق، قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر.
هذا والله من أخلاق الإسلام الذي نجهله، بل من الأخلاق الإنسانية التي لن يختلف معك عليها عاقل سوي الفطرة.
نعم، قد يُعذر المرءُ إنْ كان بأرض خالية لا وجود فيها لدورات المياه فغالبا ما يكون الخلاء خاليا من الناس ولهذا سمّي خلاء، لكن أن يكون وسط قرية أو مدينة بها مراحيض عمومية والمقاهي على وفرتها مفتوحة المراحيض، فإن الفعل هنا يدرج في خانة خوارم المروءة وقلة الحياء... وزد على ما سلف أن يُخصص حائط للبول حتى تتنبعث منه رائحة تُزكم أنوف المارين، بل والحائط في شارع عام والشارع تمر بجواره النساء. كيف يجرؤ رجل أن ينزع سرواله حيث ما بدا له؟ كيف يتخلص من قاذوراته في أماكن عامة، أين إماطة الأذى عن الطريق. إن هذا لعمري من المنكر.
اللهم اهدنا.
إرسال تعليق
لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.