أمس في برنامج مباشرة معكم (على القناة الثانية)، كان الحوار يدور حول فعل القراءة وممارسته داخل المجتمع، ولأننا في ميقات معرض الكتاب الدولي المقام بالدار البيضاء، أعجبني رأي تدخلت به واحدة من ضيوف الحلقة، أشارت كما أشار الجميع إلى ضرورة التصالح مع القراءة، وخلق الإمكانيات إلى ذلك حتى نُعدَّ مجتمعا يعطي للكتاب حقه. قالت المتدخلة إنَّ اسم المعرض الدولي هو "المعرض الدولي للنشر والتوزيع"، لماذا يغيب مصطلح القراءة من اسمه، لماذا لا يسمى: "المعرض الدولي للنشر والتوزيع والقراءة". وأنا أتفق معها إذ أن القراءة أيضا فعل وممارسة وثقافة، فلابد أن يخصص لها الحيز الكبير للاهتمام ولو بالإشارة إليها في اسم أكبر معرض يقام سنويا بالدار البيضاء، وتُخصّص في هذا الموسم ندوات حول القراءة.
إنني أزعم أن الإصدارات ونشر الكتب يفوق بكثير عدد المستهلكين والقراء، لهذا فإن الالتفات إلى فعل القراءة ومساندته، وخلق فضاء له، سواء على الصعيد الوطني أو على صعيد الجماعات المحلية، (وهذه نقطة أيضا أثارها أحد الحاضرين في البرنامج). فالجماعات المحلية تُغيِّب هذه المبادرة نهائيا، كما أن بعض المؤسسات التعليمية نادرا ما تجد فيها مكتبات، وإن وجودت فهي خاوية على عروشها، وفي رأيي، حتى وُجُود المكتبات في المؤسسات لن يفيد أبدا. فما فائدة اصطفاف الكتب على الرفوف إن لم يكن هناك قارئ وقراء ومهتمين، لهذا ففي المؤسسات أيضا لا بد أن تُقام حملات تحسيسية للشغف بالكتاب، ولربط التلميذ بالقراءة والمطالعة.
إن نسبة من يقرءُون بين المغاربة قليلة جدا، ومنهم من بينه وبين الكتاب خصام، لا يكاد يتم صفحة أو صفحتين حتى يملّ ويتعب، فيضع الكتاب جانيا، لهذا فإن المُعوّل عليه الآن هو هذا الشباب الصاعد، وهذه الأجيال القادمة، أفلا نوفر لها محيطا قارئا، يُقدّر فائدة القراءة، ويعلمه أنها لا تَقلُّ قيمة عن الكتابة والتأليف، فالقارئ كاتب افتراضي، ومؤلف افتراضي، فهو الذي يُشارك المؤلف أفكار الكتاب، ويعيش تأويلاته، وينتقد مضامينه...
القراءة فن أيضا وأسلوب أيضا، أفلا يحق أن نكون قراءً؟.
إرسال تعليق
لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.