تلقيت الدعوة من الأخت العزيزة عند الجميع والمحبوبة لدى كل المدونين الذين يعرفونها لولوكات صاحبة مدونة المدينة الفاضلة.
تتمحور الفكرة حول أن يتكلم كل من جاءته الدعوة عن صحابي جليل ويعرض جانبا من جوانب حياته، حتى تعم الفائدة ونتعرف على الكثير من الصحابة الأجلاء.
بالنسبة لي سوف ألقي الضوء على صحابية جليلة، ذلك لأن الغالبية سوف يتطرقون للحديث عن الرجال من الصحابة وقد يغفلون عن النساء اللواتي أسلمن مع الحبيب المصطفى، وأنا أرى أن دور المرأة لم يقل عن دور الرجل أبدا في محبة الله ورسوله وفي الجهاد معه.
وقبل أن أبدأ في الموضوع أحب أن أشير إلى أن المقياس الذي تثبت به صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وكما وضح ذلك العلماء هو رؤية النبي ولو في العمر مرة وليس رؤيته بمعنى الرؤية العينية يعني قد يكون هناك التقاء وحضور ولو في وقت وجيز في حضرة النبي، ذلك أنه هناك من الصحابة من كان أعمى وقد أتثبت صحبته بحضوره ولو مرة واحدة في عمره مع النبي صلى الله عليه وسلم فكلمة الرؤية لها معنى يشمل النظر أو اللقاء، أرجو أن يكون المعنى الذي قصدته واضحا.
قصة صاحبة الخيمة
أم معبد عاتكة بنت خالد الخزاعية من بني كعب كانت قد نصبت هي وزوجها خيمة في الصحراء لاستضافة الضيوف وهذا شيء من كرم العرب قديما وفي الجاهلية والإسلام ومنها تكسب أعطيات تعينها على متطلبات الحياة.
ويروى أن الرسول صل الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه ومولاه ودليلهما، خرجوا من مكة ومروا على خيمة إمرأة عجوز،وكان قد نفد ما عندهم من زاد وجاعوا، فسألوها لحما وتمرا ليشتروا منها، ولم يجدوا عندها شيئا.
سأل النبي أم معبد عن شاة رآها بجانب الخيمة أهي لها، أجابته أنها شاة خلفها الجهد والضعف عن الغنم، فقال النبي: هل بها لبن؟ قالت: بأبي أنت وأمي، إن شئت بها حلبا فاحلبها، فدعا النبي الشاة، ومسح بيده الشريفة ضرعها، وسمى الله جل ثناؤه، ثم دعا لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رجلها، ودرت.
طلب منها إناءا كبيرا، فحلب فيه حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا وشبعوا، ثم شرب آخرهم، ثم حلب في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه عندها وارتحلوا عنها.
بعد ذلك بقليل أتى زوج المرأة يسوق عنزاً يتمايلن من الضعف، فرأى اللبن فسأل زوجته من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب؟ ولا حلوب في البيت !ن فقالت: لا والله، إنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، فقال أبو معبد: صفيه لي يا أم معبد، فقالت: "رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه (أي مشرق الوجه)، لم تعبه نحلة (أي نحول الجسم) ولم تزر به صقلة (أنه ليس بناحلٍ ولا سمين)، وسيمٌ قسيم (أي حسن وضيء)، في عينيه دعج (أي سواد)، وفي أشفاره وطف (طويل شعر العين)، وفي صوته صحل (بحة وحسن)، وفي عنقه سطع (طول)، وفي لحيته كثاثة (كثرة شعر)، أزج أقرن (حاجباه طويلان ومقوسان ومتصلان)، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلو المنطق، فصل لا تذر ولا هذر (كلامه بين وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربعة (ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)، لا يأس من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محشود محفود (أي عنده جماعة من أصحابه يطيعونه)، لا عابس ولا مفند (غير عابس الوجه، وكلامه خالٍ من الخرافة)، فقال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا.
وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعه الناس، ولا يدرون من صاحبه وهو يقول: جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد. هما نزلاها بالهدى واهتدت به فقد فاز من أمسى رفيق محمد."(1)
وفي المدينة هناك أسلم هذان الزوجان وحسن إسلامهما.
عاشت أم معبد إلى وفاة عثمان ابن عفان رضي الله عنه، فكان الصحابة يقدرونها ويعترفون بفضلها، وكيف لا وهي من وصفت النبي صلى الله عيله وسلم بأوصاف جميلة.
أحاول هذا الواجب إلى كل من:
الأخ صاحب مدونة دؤيب
الأخ فيصل صاحب مدونة ابتسامة عيون (حتى تستعيد نشاطها)
الأخت صاحبة مدونة بنوتة أون لاين
الأخت ولاء صاحبة مدونة ولاء ابو غندور
الأخت خاتون صاحبة مدونة أرشفة خاتون
إرسال تعليق
لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.