24 مدينة البحر والنورس


الصويرة مدينة ساحرة بطبيعتها البسيطة الغير متكلفة؛ مدينة تكسبك وأنت في حماها أنك تسافر إلى الماضي.. آلة زمنك هي تلك البيوت ذات الطلاء الأبيض بأبوابها الزرقاء.. وتلك الأسوار البنية والحصون والأبراج، وكأنك تعيش التاريخ بكل محطاته وعهوده الفينيقية والرومانية والبرتغالية والسعدية وكذا العلوية. (أنظر موقع وزارة الثقافة)

الصويرة وصوت النورس كالأجراس من بعيد يداعب همس المحيط الأطلسي، وشاطئه الذي يعانق المدينة في حنان، والمحتضن لغروب الشمس حين تغطس طلعتها في خضم تلون بلون الحمرة، فتمد بصرك إلى أبعد نقطة بدون حاجز يحد النظر، ترمق جزيرة ترتسم معالمها من بعيد تتخيلها كسفينة راسية منذ ما قبل التاريخ، أو هي كذلك من الماضي بما فيها من آثار تؤكد قدمها وقدم موكادور(أو موغادور.الإسم القديم) البحرية..

الصويرة حيت كل الفنون تتشكل وتتوج.. رسم وصناعة وأدب و فلكلور.. ريشة الرسام بألوانها المختلفة، ومجازات الشعراء وقوافهم، ورنة العود بتقاسيم الموسيقى العربية، ونغمة الهجهوج (آلة عزف تقليدية) المبحوحة التي تحدث صدى واهتزاز في دواخلنا، وصيحات فرق الغناوة ذات الأصل الإفريقي (غينيا).. وأهازيج الأغاني الأمازيغية الصداحة… ساحات رحبة تمتزج فيها كل الألوان ترسم نموذجا ثقافيا لمغرب متنوع الأصول والجذور والروافد، عظيم التاريخ عريق الحضارة.. سمح الخليقة، مؤمن بالتآلف والوحدة… الصويرة وأسواقها الزاخرة بشتى أنواع الصناعة التقليدية تفننت فيها يد الصانع المغربي ما بين صناعة الزرابي والسجاد، وأواني الفخار والفضة والنحاس… الأحجار الكريمة والنفائس البحرية والصحرواية، ودمالج وأساور أمازيغية... في مدخل الأسواق تستقبلك روائح متميزة تستنشقها لتجدها رائحة الخشب من صنف شجر العرعار وقد تجلى في أبهى حلة بعدما نحتت عليه يد الصناع فأبدعت وجعلت منه أثاثا للمنازل وألعابا وأواني وغيرها من الأصناف الكثيرة…

هذه هي مدينة الصويرة موكّادور البهية.












أبو حسام الدين

24 التعليقات:

إظهار التعليقات

إرسال تعليق

لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.

 
Free Web Hosting