لا ضير أن نكون ملمين بالأمثال الشعبية التي تمثل جزءا مهما من ثقافتنا التي ورثناها أبا عن جد. وإني أعتبر بعض كبار السن الذين احتككت بهم وسمعت منهم بعض الحكم أو الأمثال التي يستعملونها في حديثهم مرجعا لهذه الثقافة. طبعا لا يجب أن نعتبر كل ما تضمه الأمثال صحيحا، إذ لابد من التصفية والغربلة والانتقاء، والقياس بمعيار الدين ثم العقل. فالمثل قد يحمل أحيانا مفاهيم تعارض صريج الكتاب و السنة. ولكن على حد علمي أنه نادرا ما نجد هذا التعارض إن كان ما سمعناه يعتبر فعلا مثلا شعبيا قديما. أما المقولات التي نسمعها والتي أصبحت شائعة فهي مليئة بالمغالطات، ولا تعتبر من الأمثال، وإن صارت متداولة على الألسن.
بالنسبة للأمثال فقد لاحظت أن هناك مجموعة منها ينتشر معناه بين الدول العربية طبعا مع التغيير الذي يعتريها بسبب تنوع العاميات واللهجات، وهذا يدل على أن الأمثال الشعبية تنتقل كالأفكار لا تحدها حدود جغرافية ولا موانع سياسية، وقد كان هذا في زمن لم يكن فيه وسائل إعلام ولا غيرها من التكنولوجيا العصرية لتكون وعاء لنقلها من قطر إلى قطر.
اخترت لكم من الأمثال المغربية ثلاثة منها اعتدت سماعها، وأعجبني ما تحمله من معاني.
المثل الأول:
دخّلناه من القْطَار بغا حقو من الدار.
القطار: وتنطق كذلك القطر، أي قطرة المطر - بغا: أراد - حقو: حقه
المعنى: أننا أدخلنها من المطر وأراد حقه من الدار،والمثل يضرب لمن قد تساعده وتحسن له فيطمع فيما هو ملك لك، وكأنه صار شريكا قدّر لك أن تشاطره ما تملك. وهو يوافق المثل العربي: اتقّ شر من أحسنت إليه.
المثل الثاني:
شَهْدتْ المَسلُوخَة على المَذبُوحَة انْهَار العِيد
المسلوخة: الذبيحة المسلوخة التي تم سلخ جلدها. - انهار العيد: يوم عيد الأضحى
المعنى: أن الشاة التي سلخت شهدت على التي ستذبح.
يضرب المثل على من يشهد زورا وبهتانا على أمر لم يره. وهذا يوافق ما جاء به الشرع من تحريم وتجريم شهادة الزور.
المثل الثالث:
مية تخميمة و تخميمة ولا ضربة بمقص.
مية: مئة - تخميمة: تفكير عميق.
المعنى: أن الخياط قبل أن يقص الثوب فإنه يفكر ويخطط جيدا حتى لا يخطأ في التصميم فيضَيّع الثوب حين يقوم بقصه بالمقص. والمثل يبين أن على الإنسان أن يفكر جيدا قبل أن يقدم على أي فعل أو عمل قد يندم عليه في النهاية إن تسرع.
أتمنى أن تكون الأمثال المختارة حضيت بنوع من الإعجاب منكم، وقد حاولت أن أبسط العامية المغربية قدر المستطاع، كما أني تخيرت ما رأيت أنه قريب من اللغة العربية، حتى لا تكون هناك صعوبة.
إرسال تعليق
لا بأس أن تخالفني الرأي بأسلوب هادئ، فكل رأي يحتمل الصواب والخطأ.