29 رباعيات المجذوب (الجزء الرابع)

أعود معكم إلى شرح مختارات من رباعيات الشيخ عبد الرحمان (الرحمن) المجذوب ذو الحكم الشعبية التي علقت في الذاكرة المغربية وانتشرت بين الناس كأمثلة وحكم تستعمل في سياق الكلام.

يقول عبد الرحمان المجذوب:

لاَ يَعَّجْبك نْوَار دَفْلى         فِي الوَاد دَايَرْ ظْلاَيلْ

لا يَعَّجبك زِينْ طَفلَة          حَتّى تْشُوفْ اَلْفَعَايَلْ

الدَّفلى: شجرة معروفة

ظْلايل: ظل كثير

الزين: الجمال وحسن الصورة

المعنى: أن الجمال وحده لا يكفي، لهذا نوّه الشيخ على أن الجمال الحقيقي هو جمال الأفعال وحسن الخلق. وربما كان المعنى بسيطا لكنه في رباعيات المجذوب ظهر جميلا خاصة لما أسند إليه تشبيه نوار أو زهر الدّفلى التي هي نوع من الشجر وجماله وهو يلقي بظله على صفحة الواد.

تْخَلّطَتْ وَلاَ ابَتْ تصْفَى     وَلْعَبْ خَزّهَا فُوقْ مَاهَا

رُيَّاسْ عْلَى غير مَرْتْبَة      هُمَا سَبَبْ خْلاَهَـــــــــا

ولا ابت: أصله من أبى يأبى إباء ـ إذا امتنع ولم يقبل.

الخز: في الفصحى يقصد به  الحرير، لكن في الدارجة المغربية هو تلك الخضرة التي تعلو الماء الراكد الثابت في مكانه لزمن طويل، فيعلوه شيء أخضر يشبه العشب..

سبب خلاها: أي هم سبب خرابها

المعنى: أنه بسبب تولية من ليس فيه كفاءة وأهليه للحكم أو لتسير شؤون المجتمع وقضاء مصالح الناس العامة يصير الأمر إلى خراب.

مَن جَاوَرْ اَلاجْوَادْ جَادْ بْجُودْهـــمْ          ومَنْ نَاسَبْ اَلارْذال خَان ضْنَاهْ

ومَنْ جَاوَرْ قَدْرَة اَنْطَلَى بحْمُومْها          وْمَن جَاورْ صَابون جَابْ نْقَــاهْ

الاجواد: أفاضل الناس وخيارهم

جاد: يصير جيدا

الارذال: من لا خير فيه

ضناه: ذريته وأولاده

قدْرة : القِدر أو الإناء الذي يستعمل للطبخ وغيره - بمعنى أن الذي يجلس بجانب القِدر يمسه شيء من سواده.

جاور: كان جارا لأحد من الناس أو خالطه

المعنى: أن الصحبة والمخالطة لهما تأثير ظاهر في الشخص، وقد جاء في الحديث النبوي: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ، ونافخ الكير . فحامل المسك إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة . ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة).

الأجزاء السابقة :  الجزء الأول  - الجزء الثاني  - الجزء الثالث